الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تحدى قرارات الدولة: هل أصبح رضا الجوادي «حاكما» لصفاقس؟

نشر في  21 أكتوبر 2015  (11:59)

شهدت مدينة صفاقس نهاية الأسبوع المنقضي وتحديدا يوم الجمعة الفارط تطورات خطيرة على صلة بقرار إقالة رضا الجوادي من إمامة جامع سيدي اللخمي، حيث عمد مجموعة من مناصريه إلى إحداث فوضى عارمة داخل المسجد مطالبين بالعدول عن قرار العزل ممّا أدى إلى تعطيل شعيرة أداء صلاة الجمعة بالجامع المذكور..
 وتجدر الاشارة الى أن وزارة الشؤون الدينية قررت اعفاء الامام الخطيب بجامع اللخمي بصفاقس رضا الجوادي من مهامه بسبب قيامه بنشاط نقابي بالجامع تحت غطاء ديني والقائه لخطبة تحريضية ضد الوزارة ..
وفيما أكّد رضا الجوادي أنه لن يسكت عما وصفه بحقه الذي قال إنه سيسترده بالطرق السلمية والقانونية، تمسكت في المقابل التنسيقية الجهوية للجبهة الشعبية بصفاقس في بيان صادر عنها بتتبع الجوادي على كل ما أتاه أثناء حكم الترويكا من خلال فتح ملف الشكاية التي تقدّم بها في وقت سابق أكثر من 200 محامية ومحام من الجهة أعربوا فيها عن إدانتهم لما وصفوه بالسلوك الإنقلابي الذي يتبعه رضا الجوادي ومحاولته للانقلاب وعدم الامتثال لقرار وزير الشؤون الدينية..
حول كل هذه التجاذبات وما قد تشهده الساحة في الأيام القليلة القادمة، ارتأت أخبار الجمهورية تسليط الضوء على الصراع القائم بين شقّ الجوادي وشق الوزارة فكانت الورقة التالية...  

فاضل عاشور يتّهم حركة النهضة

من جهته بيّن الفاضل عاشور كاتب عام نقابة الأيمة في تصريح لأخبار الجمهورية، أنّ  ما حدث في جامع سيدي اللخمي هو نتاج طبيعي لنوعية الخطاب الذي تم بثه سابقا نحو فئة معينة تعتبر في مخيالها الشعبي أنّ الإمام هو السلطان والوالي والدولة بحدّ ذاتها، مشددا على ضرورة الانتقال بهذا الخطاب إلى خطاب هادئ ومعتدل يكون على شاكلة صمام الأمان الذي يتصدى لكل أشكال الإرهاب الفكري الفعلي عبر تقديم أمثلة تنويرية وبث تعاليم الإسلام السمحة التنويرية عبر خطاب مجمّع لا مفرّق للتونسيين..
وأعرب عاشور عن أسفه لما انتهجه الإمام المعزول رضا الجوادي في خطبه قائلا إنه كان من الأحرى به الدعوة إلى معالجة مشاكل الأئمة وحماية دورهم، مضيفا أنّ خلفيته واضحة وهي إرباك عمل الحكومة وتشويه مسار توافقي آمن به المجتمع التونسي إلى جانب التصدي لقرارات تحييد المساجد..
وختم فاضل عاشور كلامه بالقول إنه قد تبيّن بالكاشف أن حركة النهضة هي من تقف وراء ما يحدث اليوم في بعض المساجد على غرار جامع سيدي اللخمي وذلك من خلال دعمهم الجليّ لهم للإبقاء على حظوظهم في الإنتخابات البلدية القادمة..

لطفي الشندرلي: تجاوزات خطيرة لا يرضاها الله ولا الإسلام

صرّح الشيخ لطفي الشندرلي لأخبار الجمهورية  قائلا إنّ أعظم حرمة عند الله في هذا الوجود هي بيوته التي يعمرها القائمون والعاكفون والركع السجود في طمأنينة وراحة روحية تقربهم الى ربهم زلفا.. وحيث لا يكون فيها لا رفث ولا جدال ولا انتهاك لحرمة مساجد الله..
وأضاف الشندرلي أنّ ما شهدته مدينة صفاقس الجمعة الفارطة وتحديدا جامع سيدي اللخمي من فوضى عارمة ورفع للأصوات وتعطيل لشعيرة من أفضل الشعائر الاسلامية ألا وهي إقامة صلاة الجمعة، لا يشرف الدين الاسلامي في شيء، معربا عن استنكاره الشديد لما قام به أنصار الجوادي والتي اعتبرها من الافعال التي لا يرضاها الله والتي أشار إليها في قوله تعالى « فمن أعرب عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكة..»
وشدد الشندرلي على القول انّ الكتاب والسنة والفقه بكل المذاهب الاربعة لا يمكن لها تعطيل صلاة الجمعة أو تجويزها ـ وفق تعبيره ـ مثلما رأينا ما حصل في جامع سيدي اللخمي نهاية الاسبوع المنقضي..
وفي سياق متصّل قال محدثنا إنّه يتوجب على جميع الأطراف المعتدلة أن تكوّن معا صدا منيعا وتقف وقفة حازمة أمام هذا المنعرج الخطير حتى تكون كلمة الله هي العليا وتصان للدولة هيبتها..
وفي ذات مداخلته، جدّد الشندرلي استنكاره الشديد وإدانته لهذا العمل المذكور، قائلا إنّه بصفته شيخا زيتونيا يدعو جميع الأطراف سواء الوزارة أو الأطراف الأخرى الى ضرورة التحلي بالتعقّل ويتخذوا من الحوار مرجعا لهم خاصة ونحن نحارب آفة الإرهاب والإرهابيين معتبرا أنّ مصلحة الوطن والتعقّل من أولى الأولويات في هذا الوقت..
وختم الشندرلي مداخلته متوجها برسالة مفتوحة إلى وزير الشؤون الدينية يدعوه فيها إلى المراجعة التامة للأخطاء التي وقع فيها من خلال إقصائه لمجموعة من العلماء المعروفين بالاعتدال والوسطية والإصلاح حيث قال إن هذا الإقصاء قد طاله هو كذلك رغم أنه ناضل ضدّ التكفيريين والوهابيين وكان له عدّة مداخلات في فضائيات متنوعة ووسائل اعلامية مختلفة لمقاومة ذوي الفكر المتطرف وفق تعبيره..

زياد لخضر: نحن مع إقالة التكفيري رضا الجوادي من جامع سيدي اللخمي

أمّا النائب والقيادي بالجبهة الشعبية زياد لخضر فقد نشر على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك تعليقا على ما أحدثه مناصرو رضا الجوادي يوم الجمعة من فوضى وعدم اقامة للصلاة في جامع سيدي اللخمي بصفاقس احتجاجا على قرار إقالته قائلا:  انّ «ما حصل في جامع اللخمي يكشف دون لبس أن لا حرمة للمساجد عند هؤلاء وأن شعائر الدين لا تعني شيئا كبيرا أمام المصالح الحزبية الضيقة والارتباطات الاقليمية وما تمليه من مواقف وسلوكات». مضيفا: «وهذا ما يؤكد أن هذه الحركة ما زالت جماعة تتراوح بين فكرالاخوان المسلمين والوهابية ولا علاقة لها بالأحزاب المدنية..
وهذه الحركة المتسترة بالدين ترى في تغيير الأيمة استهدافا لها ولمعاقل الاستقطاب لديها أين يتم تشويه وعي جمهور المؤمنين وخاصة الشباب منهم»..
نحن مع تحييد المساجد عن الدعاية الحزبية ولذلك نحن مع قرار اقالة التكفيري رضا الجوادي».

شهاب الدين تليش: قرار عثمان بطيخ هو السبب

في المقابل اعتبر شهاب الدين تليش كاتب عام اللجنة الوطنية لمساندة أئمة الاعتدال وكافة الأصوات الحرة أنّ قرار وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ في عزل رضا الجوادي والذي وصفه بالجائر والباطل -رغم احترامه لكونه صادرا من قبل سلطة عليا- ، هو السبب في حالة الاحتقان التي شهدها جامع سيدي اللخمي يوم الجمعة الماضية..
واستدرك تليش قائلا إنه يعرب عن استنكاره لتعطيل إقامة صلاة الجمعة معتبرا أنه من غير المقبول أن تعطّل أية شعيرة من الشعائر الدينية ..
وشدّد الكاتب العام على ضرورة النأي ببلادنا اليوم عن كل مثل هذه الصراعات التي من شأنها إضعافها خاصة وهي تواجه أكبر معضلتين تتمثلان في انتشار الإرهاب وكيفية التصدي الأمني له لذلك يجب على الجميع مؤازرة جهود الدولة حتى نقضي على هذه الافة ونتخلص منها..
وفي سياق متصل جدّد شهاب الدين مناهضته لما وصفه بالقرارات التعسفية التي اتخذتها وزارة الشؤون الدينية في اعفاء عدد من الأيمة من مهامهم، مضيفا أنها تتنافى والقوانين المنظمة للشأن الديني.
واعتبر شهاب الدين تليش كاتب عام اللجنة الوطنية لمساندة أئمة الاعتدال وكافة الأصوات الحرة أن هذه الاقالات هي مقدمة لضرب الحريات الدينية التي بدأتها وزارة الشؤون الدينية.

الجمعية التونسية لحياد الادارة والمساجد توجه أصابع الاتهام للنهضة

بدورها نددت الجمعية التونسية لحياد الادارة والمساجد في بيان أصدرته بتاريخ 18 أكتوبر بما حدث ويحدث في مدينة صفاقس على اثر اتخاذ الوزارة قرارها عزل الامام «الجوادي» من مهامه بسبب تجاوزاته لصلاحياته المتمثلة في خطبه التكفيرية والمساندة للإسلاميين الإرهابيين وكذلك عقده، وبصفة متكررة، اجتماعات يدّعي أنها نقابية داخل الفضاء المسجدي...
ودعت الجمعية في البيان الذي أصدرته، والذي ذُيّل بإمضاء رئيسها صالح الزغيدي، حكومة الحبيب الصيد الى تحمل مسؤولياتها كاملة أمام البلاد وأمام التاريخ، وأن تتعامل مع هذه القضية الهامة والرمزية بكل حزم ومسؤولية.
 كما انتقدت الجمعية تعامل حركة النهضة مع هذا الملف معتبرة أنه من غيرالمقبول إطلاقا أن تسمح الحركة لنفسها، وهي ممثلة في الحكومة ومشاركة في تسيير شؤون البلاد، بتغذية تحركات تمرديّة من شأنها إضعاف الدولة وإرباك مؤسساتها».
وقالت الجمعية في بيانها إن هذه القضية تكتسي أهمية على غاية من الخطورة على البلاد وعلى المجتمع وذلك لأنّ «هؤلاء الأئمة المزعومين يجيّشون أنصارهم بالمئات وينظمون مسيرات للاحتجاج على قرار وزاري يقضى بعزل أحد موظفي الوزارة وأنهم لا يعترفون بالدولة ولا بضرورة سيطرتها على الجوامع والمساجد وتحييدها عن كل التوظيفات السياسية والدينية والعقائدية والمذهبية حتى لا تخرج عن وظيفتها الوحيدة في كونها إنما هي فضاء مخصص للعبادة دون سواها».

إعداد: منارة تليجاني